أخبار المركز
  • أسماء الخولي تكتب: (حمائية ترامب: لماذا تتحول الصين نحو سياسة نقدية "متساهلة" في 2025؟)
  • بهاء محمود يكتب: (ضغوط ترامب: كيف يُعمق عدم استقرار حكومتي ألمانيا وفرنسا المأزق الأوروبي؟)
  • د. أحمد أمل يكتب: (تهدئة مؤقتة أم ممتدة؟ فرص وتحديات نجاح اتفاق إنهاء الخلاف الصومالي الإثيوبي برعاية تركيا)
  • سعيد عكاشة يكتب: (كوابح التصعيد: هل يصمد اتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان بعد رحيل الأسد؟)
  • نشوى عبد النبي تكتب: (السفن التجارية "النووية": الجهود الصينية والكورية الجنوبية لتطوير سفن حاويات صديقة للبيئة)

من موسكو.. الدول وتحدياتها

07 نوفمبر، 2018


لا تزال منطقة الشرق الأوسط في بؤرة اهتمام العالم، وقد لا تكون الصورة دائماً إيجابية أو حتى موضوعية، لكنها موضع تركيز رئيس دون شك، سواء في أوروبا القريبة أو أميركا البعيدة جغرافياً (لكن المسيطرة) أو في روسيا الراغبة دائماً في الحضور.

مؤشر هذا التركيز في رأيي، إلى بجانب العلاقات بين الدول، هو أبحاث ومؤتمرات بنوك الفكر.

ولعل الاختلاف الرئيس بين بنوك الفكر هذه في أميركا وأوروبا وبين نظيرتها في روسيا هو دور الدولة المعلن في هذه المراكز، حيث تكون بنوك الفكر في الغرب ذات شخصية خاصة، حتى ولو كانت بعض أجهزة الدولة حاضرة فيها بالتمويل والأجندة، على نحو مباشر أو غير مباشر.

أما في روسيا، وقبلها الاتحاد السوفييتي بالطبع، فإن بنوك الفكر ومراكز البحث تمثل جزءاً معلناً من الدولة، مثلها مثل جامعة موسكو.

وهذا هو الحال بالنسبة للأكاديمية الروسية للعلوم، وخاصة معهدها للدراسات الشرقية الذي احتفل الأسبوع الماضي في مؤتمر دولي وعلمي حاشد بذكرى تأسيسه قبل 200 عام، عندما كانت أوروبا تحبو علمياً وتعمل جاهدة لمنع تكرار الثورة الفرنسية، وما تلاها من حروب نابليونية.

كانت الحفاوة كبيرة بالمدعوين للمؤتمر والذين تم اختيارهم بعناية، ليس فقط لضمان تمثيل دولي مناسب، ولكن أيضاً للمحافظة على مستوى علمي مرتفع.

ورغم العدد الكبير من الباحثين القادمين من آسيا، خاصة الهند والصين، فإن الأميركيين والأوروبيين كانوا حاضرين بقوة.

عدد القادمين من منطقة الشرق الأوسط، سواء لتقديم أوراق أو لمجرد الحضور، كان كبيراً كذلك، وقد اشتمل على مختلف الأعمار من طاعنين في السن وكهول وشباب، بين رجال ونساء.

وقد تم تخصيص الوقت اللازم في موسكو قبل المؤتمر لإعداده الإعداد الجيد.

واشتملت ورشة العمل التي قضيت معظم وقتي فيها على أربع جلسات، تركزت كلها على منطقة الشرق الأوسط، خاصة موضوعات سيطرة العنف ودور الدولة ومستقبلها إزاء هذه التحديات من خلال أبحاث لخمسة عشر باحثاً: بحث واحد من كل من كندا وفرنسا وهولندا وإيران، وبحثان من أميركا، وأربعة بحوث من المنطقة العربية، وخمسة بحوث من روسيا.

وكان النقاش على أشده، لكن في جو من الجدية العلمية واحترام الرأي المخالف والاستعداد للتعلم من الآخر.

ورغم أني خلال الشهرين الأخيرين حضرت ثلاث ورش عمل حول موضوع الدولة وأهميتها في العلاقات الدولية وفي العمل السياسي، فإن ورشة العمل في موسكو كانت أكثرها ثراءً وفائدةً، حيث لم يقتصر التحليل على التحديات التي تواجه الدولة في أرجاء العالم حالياً، بل أيضاً شمل مستقبل هذه الدولة.

وكان الخلاف بين الحاضرين هو أن الدولة ووجودها ضروريان ليس فقط داخلياً، ولكن أيضاً خارجياً، على أساس أنها لا تزال ركيزة النظام الدولي، حيث زاد عدد أعضاء الأمم المتحدة من 51 عضواً عند إنشاء المنظمة عام 1945 إلى 193 دولة في وقتنا الحالي.

لكن بعض هذه الدول تسيء لمبادئ العلاقات الدولية كما تسيء معاملة مواطنيها بدلاً من حمايتهم، كما حدث ويحدث في عدة بلدان عربية.

ورغم تفاقم الحالة بعد «الربيع العربي»، فإن الحل ليس بالعودة إلى الوضع القديم الذي كان سائداً، بل بإصلاح هذه الدول المتعثرة في تعاملها مع مجتمعاتها، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.

الدولة إذن لا تزال ركيزة الاستقرار السياسي، إقليمياً وعالمياً، لذلك يجب التركيز عليها علمياً وعملياً.

*نقلا عن صحيفة الاتحاد